الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأله وبعد :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ورد في النهي عن الشتم والسباب أحاديث كثيرة، ومن ذلك ما يأتي:
1-
أخرج البخاري (48)، ومسلم (64) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله
عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "
سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ "قَوْله: (سِبَاب) هُوَ
بِكَسْرِ السِّين وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة, وَهُوَ مَصْدَر يُقَال: سَبَّ
يَسُبّ سَبًّا وَسِبَابًا، والسِّبَاب أَشَدّ مِنْ السَّبّ, وَهُوَ أَنْ
يَقُول الرَّجُل مَا فِي الرجل وَمَا لَيْسَ فِيهِ يُرِيد بِذَلِكَ عَيْبه.
قَوْله
: (فُسُوق): الْفِسْق فِي اللُّغَة الْخُرُوج, وَفِي الشَّرْع: الْخُرُوج
عَنْ طَاعَة اللَّه وَرَسُوله, وَهُوَ فِي عُرْف الشَّرْع أَشَدّ مِنْ
الْعِصْيَان, قَالَ اللَّه تَعَالَى "وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْر
وَالْفُسُوق وَالْعِصْيَان", فَفِي الْحَدِيث تَعْظِيم حَقّ الْمُسْلِم
وَالْحُكْم عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقّ بِالْفِسْقِ.
2- وفي
الصحيحين البخاري (30)، ومسلم (1661) من حديث الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ
قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ – رضي الله عنه - فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ
رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ
امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ........ " قَوْله: (سَابَبْت) فِي رِوَايَة "
شَاتَمْت " وَفِي أخرى " كَانَ بَيْنِي وَبَيْن رَجُل كَلَام " وَزَادَ
مُسْلِم " مِنْ إِخْوَانِي " وَقِيلَ : إِنَّ الرَّجُل الْمَذْكُور هُوَ
بِلَال الْمُؤَذِّن مَوْلَى أَبِي بَكْر رضي الله عنهما, وَمَعْنَى
"سَابَبْت" وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنه سِبَاب بِالتَّخْفِيفِ قَوْله:
(فَعَيَّرْته بِأُمِّهِ) أَيْ : نَسَبْته إِلَى الْعَار , وفِي رواية: "
وَكَانَتْ أُمّه أَعْجَمِيَّة فَنِلْت مِنْهَا " وَفِي رِوَايَة أخرى: "
قُلْت لَهُ يَا اِبْن السَّوْدَاء "قَولَه : " إِنَّك اِمْرُؤٌ فِيك
جَاهِلِيَّة" أَيْ: خَصْلَة مِنْ خِصَال الْجَاهِلِيَّة.
3- وأخرج
البخاري (6031) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "
لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَّابًا
وَلَا فَحَّاشًا وَلَا لَعَّانًا ... "
4- وأخرج الترمذي (1900) من حديث
عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ
وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ "قَوْلُهُ: (لَيْسَ
الْمُؤْمِنُ) أَيْ الْكَامِلُ (بِالطَّعَّانِ) أَيْ عَيَّابًا النَّاسَ
(وَلَا الْفَاحِشِ) أَيْ فَاعِلِ الْفُحْشِ أَوْ قَائِلِهِ، ويدخل في ذلك
الشتم القبيح الذي يقبح ذكره (وَلَا الْبَذِيِّ): وَهُوَ الَّذِي لَا
حَيَاء لَهُ.
5- وأخرجه مسلم (2581) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
أَتَدْرُونَ من الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ
اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ
يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ،
وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ
دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ
وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ
يُقْتَصَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ
فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ".
6- ما أخرجه مسلم (2587)
من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى
الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ "قَوْله: "الْمُسْتَبَّانِ مَا
قَالَا فَعَلَى الْبَادِئ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُوم" مَعْنَاهُ أَنَّ
إِثْم السِّبَاب الْوَاقِع مِنْ اِثْنَيْنِ مُخْتَصّ بِالْبَادِئِ
مِنْهُمَا كُلّه إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَز الثَّانِي قَدْر الِانْتِصَار ,
فَيَقُول لِلْبَادِئِ أَكْثَر مِمَّا قَالَ لَهُ.
7- وأخرج الإمام أحمد
(17572) من حديث أَبُي جَبِيرَةَ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ
فِي بَنِي سَلِمَةَ "وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" [الحجرات:11]
قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَلَهُ اسْمَانِ أَوْ
ثَلَاثَةٌ فَكَانَ إِذَا دُعِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ
الْأَسْمَاءِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَغْضَبُ مِنْ هَذَا
قَالَ فَنَزَلَتْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ورجال إسناد الإمام
أحمد ثقات، لكن اختلف في أبي جبيرة بن الضحاك هل له صحبة، أوليس له صحبة.
ووردت آثار في النهي عن السب والشتم والتنابز بالألقاب ومن ذلك ما يأتي:
1-
أخرج ابن جرير في تفسيره (29295) عن ابن عباس – رضي الله عنهما - "وَلا
تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" [الحجرات:11] قال: التنابز بالألقاب أن يكون
الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحق فنهى الله أن يعير بما سلف من
عمله.
2- وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه
"وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" قال: أن يقول إذا كان الرجل يهودياً
فأسلم يا يهودي يا نصراني يا مجوسي ويقول للرجل المسلم يا فاسق .
3-
أخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله تعالى: "وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ"
[الحجرات:11] قال: أن يسميه بغير اسم الإسلام، يا خنزير، يا حمار ، يا
كلب.
4- وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة
"وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" قال: لا تقل لأخيك المسلم يا فاسق يا
منافق.